خطايا بريئه بقلم ميرا كريم
قلبه بمثابة وعد صادق وهو لم يتعود أن يصدر وعود يستحيل أن يفي بها يأست من رده وكم شعرت بالإحباط حين تحمحم و أزاح برأسه قائلا بجدية شديدة وبصوت مرتبك
لازم نمشي الوقت اتأخر و المطر بيزيد
حانت منها بسمة باهتة بعدما اندثرت لمعة عيناها وهزت رأسها بطاعة ليسبقها لداخل السيارة ليحتل الحزن من جديد عيناها وهي تظن انه لم يبادلها مشاعرها غافلة كونه أصبح غارق بها ولكن الأمر لا يقتصر على ذلك فنعم هي تعدت حواجز قلبه وحدود منطقه ولكن يستحيل أن يتخطى هو تلك الفجوة الطبقية بينهم.
رغم ذلك الفراغ الموحش الذي يخيم على قلبها ويكاد يبتلع روحها إلا انها كانت تقاوم كي تصمد وتستعيد عزيمتها وتقف في مواجهة مع ذاتها لتردع ذلك التشتت المريب الذي أحتل كافة تفكيرها وجعلها تستغرب ما يحل بها وحين أشتد الصراع بين ألم قلبها وهواجس عقلها انتصر من له سلطة كبرى عليها فقد اسعفها بتلك الذكريات الأليمة التي يحتفظ بها بين طياته منذ زمن بعيد ودعم ظهورها ذلك اليوم الممطر الحافل بتلك الأصوات المرعبة التي طالما ذكرتها بتلك الليلة المشؤومة حين توفت والدتها فكانت ترفع رأسها تنظر لعطاء السماء وهي تجلس على أرضية شرفتها الباردة دون أن تعير أن أطرافها تكاد تتجمد من برودة الجو بل كل ما كانت تعيره أهمية هو أن تعاند تأثير تلك الذكرى التي كلما راودتها سلبتها انفاسها وجعلت الرجفة تسيطر عليها وينتابها حالة من الهلع مثل تماما ما حدث معها في ذلك اليوم فكان كل شيء يمر أمام عيناها وكأنه حدث منذ قليل وليس من سنوات طويلة فإلي الأن تتذكر أدق التفاصيل بتلك الليلة الباردة التي لم تنعم بعدها بدفء ابدا
كانت ليلة ممطرة يلفحها الصقيع وصوت الرعد يتسلل إلى مسامعها أثناء نومها فزت هرعة من فراشها تفرك عيناها وتسير نحو غرفة والدتها بخطوات وئيدة وهي تأمل أن تدثرها وتنعمها بدفئها الذي لا يضاهيه شيء ولكن عندما وصلت إلى باب الغرفة الموارب قليلا استمعت لذلك الحوار المحتد بين أبويها
أنا تعبت منك ومش عارف أعمل ايه علشان اقنعك
قالها عادل بحدة وبنفاذ صبر جعل غالية ترد عليه بنبرة منفعلة شديدة الإصرار
عمري ما هقتنع يا عادل دي حياتي وانا حرة فيها
لأ مش حرة يا غالية ولو مرضتيش هجبرك وهيبقى ڠصب عنك ومش معنى اني وافقت
نفت غالية برأسها بعدم اقتناع وصړخت بهستيرية
اللي حصل ده كان علشانك أنت وعلشان اديك فرصة تعوض كل اللي معرفتش ادهولك أنا عارفة أني قصرت معاك وأنت صبرت معايا كتير بس ياريت كان بإيدي علشان خاطري يا عادل بلاش تضغط على اعصابي انا مش عايزة اتعذب أكتر من كده صدقني مش هقدر اتحمل اللي أنت بتطلبه مني ...
يووووووه انت تفكيرك غلط... وانا يأست من عنادك ولعلمك بقى لو فضلتي على إصرارك هخالف رغبتك وهقول لبنتك وساعتها بقى هخليها تعرف اد ايه امها ضعيفة وانانية ومبتفكرش غير في نفسها
نظرت نظرة معاتبة لأثر أبيها وكم شعرت بلاستياء حينها كونه يتشاجر مع والدتها ويحزنها ثم سارت خطوتين داخل الغرفة لتجد والدتها تجثو على ركبتيها بإنهزام تام وتبكي بكاء مرير جعل الدمع يتكون بعيناها أيضا ويتهدل من سودويتاها التي كانت مفعمة بالبراءة حين غمغمت بحزن
ماما
رفعت غالية رأسها المنكسة بضعف وكفكفت دمعاتها
انا
كويسة يا قلب ماما متعيطيش انا بس اعصابي تعبانة وبابا مصر يفرض عليا ال...
هو مش قادر يفهم اني خاېفة ...خاېفة اوي ...خاېفة اتعذب يا نادين أنا اتعذبت كتيير اوي وكل يوم بستنى قدري يخبط على بابي كل يوم بنام وببقى خاېفة مصحاش سامحيني يا بنتي انا عارفة إنك اتظلمتي بأم زي بس أنا تعبت ....والله تعبت ومبقتش قادرة استنى اكتر من كده
كانت تتحدث ومع كل كلمة تتساقط دمعة حاړقة من عيناها التي ذبلت من شدة بكائها الواهن ورغم أن نادين لم تتفهم حديثها وماذا تقصد به إلا أنها كانت على دراية تامة أن والدتها ليست على ما يرام بتاتا وانها تمر بشيء يفوق قدراتها على التحمل ولذلك و قائلة ببراءة وبعيون تفيض بعبراتها وهي تمسح براحتها الصغيرة وجه والدتها
متزعليش يا ماما أنا بحبك ومش هزعلك وبلاش ټعيطي علشان انا بعيط زيك
زاد نحيب والدتها ولم يصدر منها شيء بعدها سوى تلك الكلمات التي ترجوها بها أن تسامحها وتغفر لها على شيء هي تجهله و لم تذكره والدتها قط وحين استيقظت صباح اليوم التالي علمت